معنى الاستنجاء وأحكامه

كُتبت بواسطة:

في

في بعض الأحيان زوجي يدخل الحمام لقضاء حاجته من البول ولا يغسل جسمه بالماء، يعني يقضي حاجته ويخرج مباشرة من غير حتى ما يستخدم أي منديل أو شيء لتنظيف جسمه. أولا أنا متضايقة جدًا، ثانيًا هل هذا يجوز، وهل هناك حديث شريف أقدر أستشهد به؟ وهو تجوز صلاته أصلا بنفس ملابسه فيم بعد؟ والحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي فيما معناه أنه مرَّ على قبر كان لا يستبرئ من بوله. ما معنى كلمة يستبرئ؟

الـجـــواب
١- ما عليك اتجاه زوجك في هذا إلا النصيحة بالمعروف في تمام الرفق واللين فقد حض الشرع على الرفق في معالجة الأخطاء، ودعا النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى الرفق في الأمر كله؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.

٢- الاستنجاء هو إزالة ما يخرج من السبيلين، سواء بالغسل أو بالمسح بالأحجار ونحوها عن موضع الخروج وما قرب منه، وهو سنة عند الحنفية إذا لم تتجاوز النجاسة مخرجها، فإذا تجاوزت مخرجها وجب الاستنجاء منها عند محمد بن الحسن من الحنفية، ويجب الاستنجاء منها إذا تجاوزت قدر الدرهم عند أبي حنيفة وأبي يوسف.

وفي حكم الاستنجاء – من حيث الجملة – رأيان للفقهاء:

  • الرأي الأول: أنه واجب إذا وجد سببه، وهو الخارج، وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة.
  • والرأي الثاني: أنه مسنون وليس بواجب. وهو قول الحنفية، ورواية عن مالك، وهو قول المزني من أصحاب الشافعي.

والأخذ بالرأي الأول هو الأحوط الذي عليه الفتوى؛ لاستحباب الخروج من خلاف العلماء ما أمكن، لكن من ابتلي بالمختلف فيه فله أن يقلد من أجاز، حتى لا يقع في الحرج والمشقة.

قال الإمام ابن عابدين في “الدر المختار وحاشية (رد المحتار)” (١/ ٣٣٦، ط/ دار الفكر): [الاستنجاء على خمسة أوجه:

اثنان واجبان:

  • أحدهما: غسل نجاسة المخرج في الغسل من الجنابة والحيض والنفاس كي لا تشيع في بدنه.
  • والثاني: إذا تجاوزت مخرجها يجب عند محمد قل أو كثر، وهو الأحوط؛ لأنه يزيد على قدر الدرهم، وعندهما يجب إذا جاوزت قدر الدرهم؛ لأن ما على المخرج سقط اعتباره، والمعتبر ما وراءه.
  • والثالث: سنة، وهو إذا لم تتجاوز النجاسة مخرجها.
  • والرابع: مستحب، وهو ما إذا بال ولم يتغوط فيغسل قبله.
  • والخامس: بدعة، وهو الاستنجاء من الريح. وهو ما يُجيب على سؤال البعض: هل خروج الريح يوجب الاستنجاء؟

قال الإمام برهان الدين المرغيناني الحنفي -رحمه الله تعالى- في “الهداية في شرح بداية المبتدي” (١/ ٣٧، ط/ دار احياء التراث العربي- بيروت): [وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاجة وبول الحمار جازت الصلاة معه وإن زاد لم تجز ” وقال زفر والشافعي رحمهما الله: قليل النجاسة وكثيرها سواء؛ لأن النص الموجب للتطهير لم يفصل، ولنا أن القليل لا يمكن التحرز عنه فيجعل عفوا وقدرناه بقدر الدرهم أخذا عن موضع الاستنجاء ثم يروى اعتبار الدرهم من حيث المساحة وهو قدر عرض الكف في الصحيح ويروى من حيث الوزن وهو الدرهم الكبير المثقال وهو ما يبلغ وزنه مثقالا وقيل في التوفيق بينهما إن الأولى في الرقيق والثانية في الكثيف وإنما كانت نجاسة هذه الأشياء مغلظة لأنها ثبتت بدليل مقطوع به” وإن كانت مخففة كبول ما يؤكل لحمه جازت الصلاة معه حتى يبلغ ربع الثوب].

٣- إذا تيقنت من وجود النجاسة على بدنك أو ثيابك أو غير ذلك فقد تنجس ذلك الموضع الذي أصابته النجاسة؛ لكن إذا كانت النجاسة قليلة بمساحة مقعر باطن الكف أو أقل فهذه النجاسة يسيرة معفو عنها، ولا يجب إزالتها، وأما إن كانت أكثر من ذلك فيجب غسل موضعها فقط، ولا يكفي المسح، وإذا شق عليك ذلك يمكنك العمل بمذهب السادة المالكية بأن إزالة النجاسة سنة.

قال العلامة الشيخ الدردير المالكي -رحمه الله تعالى- في “الشرح الصغير” (١/ ٦٦،ط/ دار المعرفة): [إزالة النجاسة واجبة إن ذكر وقدر هو أحد المشهورين في المذهب. وعليه فإن صلى بها عامدا قادرا على إزالتها أعاد صلاته أبدا وجوبا لبطلانها.

والمشهور الثاني أن إزالتها سنة إن ذكر وقدر أيضا، فإن لم يذكرها أو لم يقدر على إزالتها أعاد بوقت كالقول الأول. وأما العامد القادر فيعيد أبدا، لكن ندبا. فعلم أنهما يتفقان على الإعادة في الوقت ندبا في الناس وغير العالم، وفي العاجز، ويتفقان على الإعادة أبدا في العامد الذاكر لكن وجوبا على القول الأول، وندبا على الثاني]، والله تعالى أعلم.

المصدر: دار الإفتاء المصرية