هل يجوز الجمع بين نيتين في ختم القرآن — وَهْب الثواب للخاتم ولآخر ميت؟

هل يجوز ختم القرآن بنيتين؛ نيه وَهْب ثوابه لشخص متوفي، والنية الثانية ثوابها لي أنا؟

الـجـــواب
يجوز ذلك، ولا حرج عليك شرعا، فقد ذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز قراءة القرآن للميت وإهداء ثوابها له ، فقد قال العلامة ابن عابدين الحنفي في “وحاشيتة (رد المحتار)” (2/ 243، ط/ دار الفكر): [وفي البحر: من صام أو صلى أو تصدق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة كذا في البدائع. وفي جامع الفتاوى: وقيل: لا يجوز في الفرائض].

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في “كشاف القناع عن متن الإقناع” (2/ ب147): [قال أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير، للنصوص الواردة فيه ولأن المسلمين يجتمعون في كل مصر ويقرءون ويهدون لموتاهم من غير نكير فكان إجماعا].

وذهب المتأخرون من المالكية والشافعية إلى أنه لا بأس بقراءة القرآن والذكر وجعل الثواب للميت ويحصل له الأجر، قال الشيخ الدسوقي في “حاشيته على الشرح الكبير” (1/ 423): [قال في التوضيح في باب الحج: المذهب أن القراءة لا تصل للميت، حكاه القرافي في قواعده والشيخ ابن أبي جمرة اهـ، وفيها ثلاثة أقوال: تصل مطلقا، لا تصل مطلقا، والثالث: إن كانت عند القبر وصلت، وإلا فلا، وفي آخر نوازل ابن رشد في السؤال عن قوله -تعالى-: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 39]، قال: وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذلك، وحصل للميت أجره اهـ وقال ابن هلال في نوازله: الذي أفتى به ابن رشد، وذهب إليه غير واحد من أئمتنا الأندلسيين أن الميت ينتفع بقراءة القرآن الكريم، ويصل إليه نفعه، ويحصل له أجره إذا وهب القارئ ثوابه له، وبه جرى عمل المسلمين شرقا وغربا، ووقفوا على ذلك أوقافا واستمر عليه الأمر منذ أزمنة سالفة، ثم قال: ومن اللطائف أن عز الدين بن عبد السلام الشافعي رئي في المنام بعد موته، فقيل له: ما تقول فيما كنت تنكر من وصول ما يهدى من قراءة القرآن للموتى؟ فقال: هيهات وجدت الأمر على خلاف ما كنت أظن].

وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في “مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج” (4/ 111ط/ دار الكتب العلمية): [وحكى المصنف في شرح مسلم والأذكار وجها أن ثواب القراءة يصل إلى الميت كمذهب الأئمة الثلاثة، واختاره جماعة من الأصحاب منهم ابن الصلاح، والمحب الطبري، وابن أبي الدم، وصاحب الذخائر، وابن أبي عصرون، وعليه عمل الناس، وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وقال السبكي: والذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه نفعه، إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته، وأقره النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: «وما يدريك أنها رقية» وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع الميت بها أولى].

وعليه فيجوز لك قراءة القرآن وإهداء الثواب للميت، ويصل ذلك له، سواء عند القبر أو من أي مكان آخر، والله أعلم.

المصدر: دار الإفتاء المصرية.