إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له

كُتبت بواسطة:

في

السلام عليكم؛ قال صلى الله عليه وسلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له). إذا فكيف يمد الولي المنتقل زواره وقد انقطع عمله ؟!

الـجـــواب
فليعلم السائل أن المدد حقيقة من الله -تعالى- فهو النافع والضار وهو على كل شيء قدير، لكن الله -تعالى- قد يجرى الأسباب على عباده، فيكون العبد سببا في الرزق الحسي أو المعنوي لغيره، ويكون سببا في الشفاء من الأمراض الحسية والباطنية لغيره، وأولياء الله -تعالى- لهم ما يشاؤون عند ربهم، فهم صفوة أحبائه من خلقه بعد الأنبياء والمرسلين، فالولي قد يجعله الله -تعالى- سببا في المدد لعباد الله -تعالى- سواء في حياته أو بعد انتقاله -للرفيق الأعلى- فقد ورد في الحديث الصحيح، عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه، أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك، أو ثوبك، أو تجد منه ريحا خبيثة» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

والحديث يشير أن العبد الصالح قد يستمد منه العبد مددا روحيا أو قلبيا، حتى بمجرد الجلوس معه والنظر إليه، وهذا واضح بين في قوله: ((أو تجد ريحه)) فالعبد الصالح شبه بالمسك حتى ولو لم تأخذ منه فإنك لن تعدم من شم الرائحة الطيبة، وتشبيه الرجل الصالح بالمسك، لأن في شم المسك راحة للقلب والروح، وبه ينشرح الصدر، ويزول الكرب، وقد يشفي من بعض الأمراض العضوية، فكذلك الرجل الصالح الجلوس معه يشرح الصدر وينير القلب، ويزيل الكرب والهم والحزن، وهي الأحوال والمقامات لا تنقطع بعد انتقال العبد الصالح، لأنهم أحياء عند ربهم، فبورهم روضة من رياض الجنة، ولا دخل هناك لانقطاع العمل عن الميت، لأن انقطاع العمل معنها أن الميت هناك أعمال لو عملها يكون ثواب هذا العمل له ويجرى عليه حتى بعد موته ومنها هذه الأعمال التي ذكرت في الحديث.

وقد ورد في السنة الشريفة نفع من انتقل للرفيق الأعلى لأحياء كما في الأحاديث الصحيحة، في نفع سيدنا موسى لأمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- في تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمسة، وقد ورد نفع الميت للحي في ما ورد أن الميت إذا سلمت عليه رد عليك السلام، ومن المعلوم تحية الإسلام وهي (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) في اللغة جملة دعائية، فالميت يدع للحي؛ واعلم أن دعاء الميت للحي من الدعوات المستجابة، لأنه في حكم الدعاء بظهر الغيب.

المصدر: دار الإفتاء المصرية