ابنتي تريد خلع الحجاب.. فهل عليّ إثم؟

لو بنت تريد خلع الحجاب وأمها نصحتها كثيرًا.. هل الأم عليها ذنب أو سينقص من أجرها شيء؟

الـجـــواب
لا حرج على الأم طالما أدت ما عليها من النصح، فقد قال الله -تعالى-: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن} [النور: ٣١]، وعن عائشة -رضي الله عنها-: “أن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله تعالى عنهما- دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: «يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا»، وأشار إلى وجهه وكفيه” رواه أبو داود في سننه، وعلى ذلك فالحجاب الشرعي ليس زيا إسلاميا بمعنى أنه من الرموز التي تميز المسلمة، وإنما هو وسيلة لتحقيق أمر الله بستر العورة، فيمكن أن يختلف شكله من زمان إلى زمان، ومن مكان إلى مكان؛ لأن المقصود هو ستر العورة، وهو أمر واجب، ووجوب ستر العورة ليس حكما خاصا بالمرأة، وإنما هو من الأحكام العامة للمرأة والرجل على السواء، ولكن الفرق بينهما ليس في أصل الحكم، وإنما في مساحة العورة في بدن الرجل والمرأة، فمساحة عورة المرأة من بدنها أكبر من مساحة عورة الرجل من بدنه، وذلك لاختصاص المرأة من حيث طبيعة بدنها وحيائها، فعورة المرأة أمام الرجال الأجانب عنها هي جميع بدنها عدا الوجه والكفين عند جمهور الفقهاء، قال الإمام الدردير المالكي في “الشرح الصغير بحاشية الصاوي” (١/ ٢٨٩، ط/ دار المعارف): [(و) عورة الحرة (مع رجل أجنبي) : منها أي ليس بمحرم لها جميع البدن (غير الوجه والكفين)، وأما هما فليسا بعورة]، وقال الشيرازي في “المهذب في فقة الإمام الشافعي” (١/ ١٢٤، ط/ دار الكتب العلمية): [فأما الحرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين؛ لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: ٣١]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وجهها وكفيها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة الحرام عن لبس القفازين والنقاب، ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما في الإحرام، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه في البيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والإعطاء فلم يجعل ذلك عورة]، وورد عن أبي حنيفة القول بجواز إظهار قدميها، قال المرغيناني الحنفي في ” الهداية في شرح بداية المبتدي” (٤/ ٣٦٨، ط/ دار إحياء التراث العربي-بيروت): [“ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها”؛ لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور:٣١] قال علي وابن عباس رضي الله عنهما: ما ظهر منها الكحل والخاتم، والمراد موضعهما، وهو الوجه والكف، كما أن المراد بالزينة المذكورة موضعها، ولأن في إبداء الوجه والكف ضرورة لحاجتها إلى المعاملة مع الرجال أخذا وإعطاء وغير ذلك، وهذا تنصيص على أنه لا يباح النظر إلى قدمها. وعن أبي حنيفة أنه يباح؛ لأن فيه بعض الضرورة].

وأما ما دون الوجه والكفين والقدمين فيجب على المرأة ستره باتفاق بين الفقهاء، ويجب أن يكون الساتر للعورة ثوبا، وأن يتصف الثوب المستعمل في ستر العورة بالصفات الآتية:

  1. ألا يكون قصيرا فيكشف جزءا منها.
  2. ألا يكون ضيقا فيصف العورة.
  3. ألا يكون رقيقا فيشف لون جلد العورة، فقد قال الكاساني في “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” (٥/ ١٢٣، ط/ دار الكتب العلمية): [وإن كان ثوبها رقيقا يصف ما تحته ويشف، أو كان صفيقا لكنه يلتزق ببدنها حتى يستبين له جسدها فلا يحل له النظر، لأنه إذا استبان جسدها كانت كاسية صورة، عارية حقيقة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لعن الله الكاسيات العاريات»].

وعليه فإذا كان ثوب المرأة أيا كان اسمه يتصف بهذه الصفات فهو حجاب شرعي، وإن كان يفتقد واحدا منها فليس بحجاب شرعي، والله تعالى أعلم.

المصدر: دار الإفتاء المصرية