غش الأفكار والعقول

كُتبت بواسطة:

في

إذا تكلمت عن الغش في البيع والتجارة والشراء وكذا. لا بد من أن أقِف على غش من نوع آخر. أكثر خطورة وأشد ضراوة هو غِش الأفكار، غش العقول، غش الدين.

نحن في زمانٍ الآن -نسأل الله السلامة والعافية- يُلَبَّس فيه الحق بالباطل، ويُلَبَّس فيه الباطل بالحق ويُلَبَّس فيه الباطل ثوب الحق. فيُلَبَّس على الناس في أمر دينهم. وجاء في الأثر موقوفا على عبد الله بن مسعود “رضي الله عنه” أنه قال: من حدَّث الناس بكلامٍ لا تُدركه عقولهم فلا بد أن يكون على بعضهم فِتنة.

من الغش أن يأتي المشايخ مثلا أو الدعاة أو العلماء أو المتصدرين للفُتيا. فيأتي بآراء شاذة، ما قال بها أحد، ولا تحدث بها أحد العلماء، ويأتي فينشرها على الناس. كأن يخرج خارج على الناس -مثلا- ويقول أن: الطلاق لا يقع إلا إذا كان مكتوبا عند المأذون.

من أين لك بهذا؟ هل هذا حدث أيام سيدنا النبي ﷺ؟ أيام صحابته الأجلاء؟ توثيق عقود الزواج والطلاق من أين تعاملت به الأمة؟ من متى؟ من مئة سنة مثلا أو أقل أو أكثر قليلا؟ ما قبل ذلك من قرون؛ كيف كان يتعامل الناس؟ ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾.

أين أنت المصطفى ﷺ «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة».

سبحان الله؛ حتى أن سيدنا الشيخ الشعراوي -رحمة الله عليه- أحد الممثلين تاب إلى الله ورجع إليه، قال: أنا كنت أفعل أفلاما خليعة، وكذا. ولكن يا شيخنا كنت في الأفلام أتزوج. يعني يجيء واحد ويقول زوّجتك.. ويقول الصيغة كاملة. قال: كل امرأة تزوجتها ولو كنت هازل فهي زوجة لك حتى تكمل أربعة، وما بعد ذلك فهو هراء.

سبحان الله! مع أنه تمثيل، ولكن بالكلمة؛ الله ﷻ يسألك عنها.

نحن دخلنا الإسلام بماذا؟ كلمة. أشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد أن محمدا رسول الله. تدخل بها الجنة -بإذن الله-. بماذا؟ بكلمة.

تزوجت زوجتك بكلمة. تطلق أيضا منك بكلمة.

أن يأتي أحد الناس فيقول هذا، فيجعل الناس يستهينون. المصيبة السوداء أن الناس يستهينون بهذا فيُلقي الكلام جزافا فيعيش مع امرأته في الحرام. فينتج جيل من حرام، فيخرب المجتمع ويفسد.

ثم يأتي قائل هذا الكلام الشاذ الذي يغش الناس به، ويقول: وأنا مسؤول أمام الله. من الذي أن يقول هذا؟ من الذي يحمل أخطاء أحد؟ من الذي يحمل أوزار أحد؟

إن هذا لغش عظيم. غش آخر، في المعتقد، في الأفكار.

أن تأتي جماعات هدَّامات، فيُفهّمون الناس أن من فعل كذا فهو المسلم وهو الحق وهو الشهيد، وكذا هذا يشوّه صورة الإسلام. وما الدواعش وغيرهم من القَتلة ومن الأفّاقين إلا خلاصة ونتاج هذا الفِكر الآسن الذي يدعو إلى هذا. فكر آسن، غش في الناس؛ أن يكال الأمر بمكيالين.

سبحان الله، حينما يأتي بلد بعينه، أو مثلا أصحاب شأن بعينهم؛ فيفعلون موبقا أو جريمة، لا أحد يعلق عليها. فحينما يُفْعَل بهم القليل تقوم الدنيا ولا تقعد. هذا كله تلوث في الأفكار.

نرجو الله ﷻ إن يصحح عقولنا وقلوبنا، وأن يبلغنا إسلامنا غضا نقيا طريا. كما جاء به المعصوم ﷺ.

واقرأ هنا أيضًا: حقوق وواجبات الوطن على أبنائه