حق العوام على المشايخ والأكاديميون الشرعيون

هناك حالة احتقان حادة بين أتباع الاتجاهات العقدية = السلفية والأشعرية. هذا الاحتقان أنشأ حالة أخرى، وهي الحرص على اصطياد أدنى هفوة لدى الآخر. والأمر هنا ليس متعلقا بالعوام والهواة في فضاء التواصل الاجتماعي، بل المقصود أساساً من يُفترض أنهم زعماء وقادة للعامة، أي مشايخ وأكاديميون شرعيون.

لكن؛ من يستطيع أن يُذّكر هؤلاء المشايخ والأكاديميين بتخصيص شطر من حماستهم وغيرتهم وطول النَّفس لديهم للكلام عن غياب الشريعة في عصرنا، وكيف ينبغي على المسلمين التعامل مع هذه الواقعة الدهياء التي لم يُصب المسلمون بمثلها عبر التاريخ؟

أليس من حق العوام أن يعرفوا ما يجب عليهم شرعاً، من الناحية العقدية والسلوكية، تجاه الشريعة العلمانية المفروضة عليهم من قِبل حراس معبد العلمانية وكهنة الجاهلية المعاصرة في بلداننا الإسلامية؟ خصوصا ونحن نعلم أن كل مواقف العبد العقدية والسلوكية تدخل تحت حكم من الأحكام الشرعية الخمسة؟

فلماذا أغلق هؤلاء المشايخ والأكاديميون الشرعيون هذا الملف ويرفضون التوقف عنده، وبحثه بحثا مطولا، عقدياً وفقهيا، وتنوير المسلمين بما يجب عليهم تجاه هذه القضية العظيمة؟ أم إن حماستهم وضجيجهم وغيرتهم لا تكون إلا في تكرار المكرر حول القضايا الكلامية؟ هل حقا بلغت الحماقة بهم إلى أن يظن أحدهم أنه بإمكانه أن يحسم جدل “الأثرية والأشعرية” حول هذه القضايا؟

أليس يحكى عن الإمام العز بن عبد السلام ما معناه: (من نزل بقريةٍ فشى فيها الربا، فخَطَب عن الزنا، فقد خان الله ورسوله). فما بالك بمن ترك أعظم بلية ابتلي بها المسلمون منذ 14 قرنا (إبعاد الشريعة الإلهية، وإحلال الشريعة العلمانية)، وذهب يعيش بياض نهاره وسواد ليله في مباحث الجدل (الأثري/الأشعري)، ناشراً وكاتبا ومكررا؟

أم إن الأمر في أوله وآخره ليس أكثر من (اختيار الطريق السهل) و (السير جنب الحيطة) و (تفادي صداع الراس).. لكن، هذا إذا صح من العامة الهواة، هل يصح من المشايخ والأكاديميين الشرعيين؟ فمَن يُذّكر هؤلاء القوم بهذه الأمور؟ وإلى الله عاقبة الأمور.

بقلم: نورالدين قوطيط