غابات الموت: بين الواقع والأساطير

غابات الموت: بين الواقع والأساطير

على الرغم من أن الغابات تُعرف بهدوئها الأخّاذ وجمالها الساحر، إلا أن بعض هذه الأماكن الطبيعية تحولت بفعل الغموض والقصص السوداء إلى مسارح لأحداث مرعبة ومواضع يُخشى الدخول إليها. فمع تزايد الكثافة النباتية والسكينة المطلقة، أصبحت العديد من الغابات ملاذًا للجرائم الغامضة وممارسات الشعوذة والطقوس الغريبة، بل وتحولت إلى أماكن مسكونة بالأشباح، بحسب ما يرويه السكان والزوار.

غابة ديرينج: موطن الصراخ المجهول

تقع غابة ديرينج في قرية بلاكلي البريطانية، وقد دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية عام 1989 كأكثر قرية مأهولة بالأشباح. تُعرف هذه الغابة باسم غابة الصراخ، وذلك نسبة إلى صرخات مرعبة يُقال إنها صادرة عن أشخاص تاهوا داخلها حتى لقوا حتفهم. وأفاد زوار وسكان محليون بسماع خطوات أقدام مجهولة المصدر، بل ورؤية شبح يُعتقد أنه لعقيد انتحر في القرن الثامن عشر.

وتُتهم طائفة دينية من قرية سماردن المجاورة بممارسة طقوس شيطانية داخل الغابة، خاصة بعد العثور على 20 جثة مجهولة في عام 1948، دون أن تظهر عليها أي آثار عنف. وفي عام 1964، توفي المحقق روبرت كولينز في حادث سيارة مريب بعد عام من تحقيقه في أنشطة الطائفة، مما زاد من غموض المكان. آخر حوادث الغابة تمثلت في اختفاء أربعة طلاب جامعيين، ذهبوا لرؤية أضواء مجهولة في السماء ولم يُعثر عليهم حتى اليوم.

غابة الفن: لعنات الغجر وأشباح الانتقام

في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية، تقع غابة الفن، والتي تعتبر من أكثر الغابات رعبًا في البلاد. وتعود شهرتها إلى القرن التاسع عشر، حين طُرد الغجر الذين كانوا يعيشون فيها، بل وذُبح البعض منهم، مما دفع الغجر للانتقام بلعن الغابة وسكانها. ومنذ ذلك الحين، بدأت الظواهر الخارقة بالظهور.

من بين أشهر الظواهر امرأة ترتدي الأبيض وتبكي على أطفالها، وشبح فارس على حصان أسود، وآثار أقدام غامضة، بالإضافة إلى شعور بعض العابرين بلمسات من أشخاص غير مرئيين. كل هذه الأحداث جعلت من الغابة نقطة جذب لعشاق الرعب والباحثين عن الأشباح من جميع أنحاء العالم.

ويتش وود: من غابة ملكية إلى أرض ملعونة

غابة ويتش وود في جنوب إنجلترا كانت يومًا ما مفضلة للملوك، لكنها اليوم توصف بـ”الجحيم على الأرض”. تقارير متكررة تشير إلى أن زوار الغابة يشعرون بيد خفية تمسك بأكتافهم، أو بمحاولة خنق من مجهول. وهناك روايات عن رؤية عربة تجرها خيول تقل عائلة تبكي.

ويُعد شبح إيمي روبرت توفت أشهر الأشباح في الغابة، حيث ماتت في ظروف غامضة، ويُقال إن شبحها يظهر لمن سيموت خلال عشرة أيام، كما حدث مع زوجها. وكل من يرى شبحها يُصاب بالمصير ذاته، مما عزز من سمعة الغابة كأحد أكثر الأماكن رعبًا في إنجلترا.

غابة إيبيغ: مقبرة المجرمين والضحايا

تُعرف غابة إيبيغ في جنوب شرق إنجلترا بتاريخها الأسود، حيث وُجدت فيها أكثر من عشر جثث لضحايا جرائم قتل. كما كانت مأوى للصّ ديكوربين في القرن الثامن عشر، وهو من أشهر قطاع الطرق.

السكان يبلغون عن سماع أصوات مخيفة وظواهر شبحيّة، وبعضهم يزعم أن سيارته تتوقف وتُسحب تلقائيًا نحو الغابة.

وهنا تقرأ عن ⇐ أكبر غابات العالم على الإطلاق من كل قارات العالم

غابة دول: الغموض الدموي في الهند

في الهند، تُعد غابة دول من أكثر الأماكن المثيرة للرعب، رغم أنها موقع مفضل للسياح. السكان المحليون يتجنبون دخولها بسبب انتشار قصص عن شبح مقطوع الرأس يظهر ويتجول فيها.

هناك أيضًا تقارير عن رؤية أعين حمراء تراقب المارة، وامرأة ترتدي الرمادي، بالإضافة إلى أصوات غريبة تصدر من مدرسة فيكتوريا القريبة، خاصة أثناء العطل.

غابة فري تاون: نار وغموض في ماساتشوستس

أما في ولاية ماساتشوستس الأمريكية، فتمتد غابة فري تاون الغامضة، والتي تُنسب إليها قصص عديدة عن كائنات تشبه البشر لكنها قصيرة القامة وبشرتها رمادية. هذه الكائنات يُقال إنها ترشق الناس بالحجارة وتصدر كرات نارية من مصدر مجهول. اللافت أن حتى الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان تحدث عن رؤيته لأضواء غريبة أثناء تحليقه فوق الغابة.

ويُربط تاريخ الغابة بالأعمال الشيطانية وجرائم قتل وانتحار، ويُقال إن اللعنة بدأت منذ أن استولى المستعمرون على أراضي السكان الأصليين، بما في ذلك مواقعهم المقدسة.

غابة هويا باكيو: بوابة الشيطان في رومانيا

في رومانيا، تُعرف غابة هويا باكيو بأنها مركز للأحداث الخارقة، بدءًا من ظهور الأشباح وحتى مشاهدة أجسام فضائية مجهولة. الزوار يشعرون بقلق غير مبرر فور دخولهم، ويلاحظون التواءات غريبة في الأشجار وآثار حروق على النباتات. بعض السكان أفادوا بإصابتهم بدوخة وطفح جلدي وحروق بعد دخولهم الغابة.

وقد سُمّيت الغابة على اسم راعٍ اختفى فيها مع قطيعه، ومنذ ذلك الحين، يعتقد السكان أن من يدخل الغابة لن يعود. أصوات ضحك وصراخ نساء تُسمع من الغابة بشكل مفاجئ، وتزداد الاعتقادات بأن الشيطان نفسه يسكنها.

غابة باين بارينز: موطن شيطان جيرزي

تمتد غابة باين بارينز عبر سبع مقاطعات في ولاية نيو جيرزي، وتشتهر بكثرة الأشباح، وتحديدًا شيطان ليدز المعروف أيضًا بـ”شيطان جيرزي”. هذا الكائن الأسطوري يُقال إنه الابن الثالث عشر لامرأة تدعى ديبورا ليدز، لعنته أثناء حملها، فخرج على هيئة كائن مرعب له جناحان، وقرون، ورأس حصان.

شوهد الشيطان وهو يصدر صرخات مخيفة ويتنقل بسرعة خارقة. وعلى الرغم من محاولات طرده عبر طقوس دينية، إلا أن الكائن لم يختف، مما أبقى الغابة على قائمة أكثر الأماكن رعبًا في الولايات المتحدة.

خاتمة

تمتلئ غابات العالم بقصص لا تنتهي من الرعب والغموض، منها ما هو موثق، ومنها ما يدخل في إطار الأسطورة، ولكن جميعها تشترك في شيء واحد: أنها أماكن تحوّلت من رمزٍ للطبيعة والحياة إلى كوابيس مرعبة في ذاكرة من زارها أو سمع عنها. لذلك، يبقى السؤال: هل هي مجرد خرافات تناقلها الناس؟ أم أن للغابات سرًا دفينًا لا يعلمه إلا من عاش رعبها؟

أضف تعليق