كيف تستطيع الكلاب البوليسية اكتشاف المخدرات؟

كيف تستطيع الكلاب البوليسية اكتشاف المخدرات؟

في الكثير من الأماكن العامة، مثل الفنادق والمولات، اعتدنا رؤية الكلاب البوليسية ترافق عناصر الأمن خلال عمليات التفتيش. هذه الكلاب المدربة تقوم بجولة حول السيارات عند مداخل الجراجات، وفي حال بدت هادئة، يكون الوضع آمناً. أما إذا بدأت في النباح، فهذا مؤشر على وجود شيء مريب. ولكن، كيف يمكن لهذه الكلاب أن تتعرف على المخدرات والمتفجرات؟ ولماذا لا تزال تُستخدم رغم التقدم التكنولوجي؟

في هذا المقال، نستعرض كيف يتم تدريب الكلاب البوليسية على الكشف عن المخدرات، ولماذا تظل عنصراً لا غنى عنه في المنظومة الأمنية.

تطور أساليب التهريب وتحديات الأجهزة الأمنية

مع تصاعد خطر تجارة المخدرات والمواد المتفجرة، تزايدت حيل المهربين في إخفاء الممنوعات عن أعين الأمن. وفي المقابل، كان على الأجهزة الأمنية أن تطوّر من وسائلها لاكتشاف هذه الحيل. وقد أثبتت التجارب أن الكلاب البوليسية تمتلك قدرات استثنائية، تجعلها وسيلة فعالة للغاية في هذا المجال، خصوصاً في ظل امتلاكها حاسة شم قوية تُعد خارقة مقارنة بالبشر.

حاسة الشم لدى الكلاب: قدرات مذهلة

الإنسان يعتمد على الرؤية للتعرف على العالم من حوله، أما الكلاب، فتعتمد على الشم. لتقريب الفكرة، تخيّل طبقًا من الحساء مكوّنًا من عشرة أنواع من الخضار، كلها مفرومة وممزوجة معًا. الإنسان قد يشم رائحة الحساء ككيان واحد، لكن الكلب يستطيع تمييز كل مكون على حدة! هذه القدرة المذهلة هي التي تجعل الكلاب مؤهلة تمامًا للمشاركة في أعمال التفتيش الأمني.

وإذا أضفنا إلى حاسة الشم القوية الصفات الأخرى مثل القوة البدنية، والانتباه، والطاعة، والقدرة على تلقي الأوامر، فإننا أمام كائن مثالي لمهام الكشف الأمني.

مراحل تدريب الكلاب البوليسية على اكتشاف المخدرات

لكي تستطيع الكلاب اكتشاف المخدرات بدقة، تمر بسلسلة من التدريبات الخاصة. وتبدأ أولى الخطوات باختيار الكلاب المناسبة التي تمتلك حاسة شم قوية. إذ تختلف قوة الشم من نوع إلى آخر.

بعد اختيار الكلب المناسب، يُدرّب على شم رائحة مادة معينة من خلال أسلوب بسيط وفعّال. يُمنح الكلب لعبة – مثل قطعة قماش مربوطة بحبل – يلعب بها باستمرار حتى يرتبط ذهنه بها. بعد ذلك، تُضاف إلى اللعبة روائح المواد التي يُراد منه البحث عنها (مثل المخدرات)، ثم تُخفى اللعبة ليبدأ الكلب في تتبع رائحتها. وعندما يجدها، يُكافأ باللعب بها مجددًا. بهذه الطريقة، يرتبط في ذهن الكلب أن العثور على هذه الرائحة يعني مكافأة، مما يحفّزه على التفتيش بجدية.

التأهيل لمواقف الضغط والضوضاء

لا يقتصر تدريب الكلاب على تتبع الرائحة فقط، بل يتم إعدادها أيضاً للتعامل مع المواقف الميدانية التي قد تتخللها أصوات إطلاق نار أو أبواب تُفتح وتُغلق بقوة. لذلك، يتم تعريض الكلاب خلال التدريب لمحاكاة هذه الظروف، حتى تتأقلم وتؤدي واجبها دون خوف أو ارتباك.

هل “الكلب البوليسي” اسم لنوع معين من الكلاب؟

يعتقد البعض أن هناك فصيلة تُسمى “الكلاب البوليسية”، لكن في الحقيقة، هذا الوصف يُطلق على أي كلب يتم استخدامه من قبل الجهات الأمنية، بغض النظر عن فصيلته. أكثر السلالات شيوعاً في هذا المجال تشمل: الدوبرمان، والبوكسر، والولف، والأشهر على الإطلاق “الراعي الألماني” أو “الجيرمان شيبرد”.

مع ذلك، يمكن استخدام أنواع أخرى بشرط توافر شروط معينة، أهمها امتلاك حاسة شم قوية، وأن يكون الكلب ذكرًا، ويتراوح عمره بين 8 و14 شهراً. كما يجب أن يكون متزنًا نفسيًا، غير عنيف، ولا يخاف من الأصوات العالية، خاصة أن عمله يكون في أماكن مزدحمة مثل المولات والنوادي.

هل الكلاب البوليسية مدمنة على المخدرات؟

واحدة من النظريات الشائعة هي أن الكلاب البوليسية تصبح مدمنة على المخدرات لأنها تتعرض لها باستمرار. وعلى الرغم من أن الفكرة تبدو منطقية للوهلة الأولى، فإن الواقع مختلف تماماً.

فالكلاب لا تُعرض لكميات كبيرة من المخدرات أثناء التدريب. بل يتم استخدامها بجرعات ضئيلة للغاية تُعرف بـ”الحد الآمن”، وهي كميات لا تؤثر على الكلب. والسبب في هذا أن الكلاب لا تحتاج سوى إلى رائحة ضئيلة جدًا لاكتشاف المادة – بما يعادل، على سبيل المثال، ملعقة سكر مذابة في مسبح.

الإجراءات الوقائية خلال المهمات الفعلية

خلال العمليات الأمنية الحقيقية، قد تواجه الكلاب كميات كبيرة من المواد المخدرة، وهنا يأتي دور التدريب الاحترافي. إذ يُدرَّب الكلب على الانسحاب فور اكتشاف الرائحة وإبلاغ رجل الأمن بإشارة متفق عليها، مثل الجلوس، أو النباح، أو الاستلقاء. هذا يحدّ من مدة تعرضه للرائحة، وبالتالي يحافظ على سلامته.

خلاصة القول

الكلاب البوليسية ليست فقط كائنات تمتلك قدرة خارقة على الشم، بل هي أيضاً حليف ذكي وفعال في مواجهة التهديدات الأمنية. ومن خلال تدريب منهجي دقيق، تصبح هذه الكلاب جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الأمنية، دون أن تُعرض حياتها أو صحتها للخطر. وبالتالي، يبقى اعتماد الأجهزة الأمنية على الكلاب خيارًا ضروريًا رغم تطور الوسائل التكنولوجية، نظراً للفعالية الفريدة التي لا تزال تقدمها هذه الكائنات الوفية في ميدان الأمن.