هل تم تضخيم حكاية الطفل ريان المغربي؟

هل تم تضخيم حكاية الطفل ريان المغربي؟ الجواب: لا. لم يتم تضخيم الموضوع. لماذا؟ لأن الموضوع ضخم أصلا. أن يسقط طفل في حفرة ويكون عرضة للموت، هذا موضوع ضخم. طيب وماذا عن آلاف الأطفال والمسلمين هنا وهناك الذين يقتلون كل يوم؟ أيضا موضوعهم مهم.

إخواني؛ من الضروري ألا نستهين بدم أي مسلم. حتى لو كان طفلا صغيرا في إي ناحية من أنحاء العالم. نحن نحفظ الله ﷻ ﴿أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾.

النفس الإنسانية مهمة وعظيمة القدر عند الله -عز وجل-. وخصوصًا نفس المسلم. هذا الطفل مشروع أن يكون غدا مؤمنا تحتفي به الملائكة وتكتب حسناته ويكرم ويذكر في الملأ الأعلى. وبالتالي دمه مهم. وموضوعه مهم.

نسأل الله أن يقوي الأيادي التي تحاول استخراجه. ويجزيهم الخير ويعينهم على إنجاز هذه المهمة.

طيب ماذا عن أطفالنا في سوريا وفي العراق وفي كل مكان وفي الهند وفي الصين؟ أيضًا موضوعهم مهم. نعم، ينبغي أن نهتم بشأن المسلمين جميعهم. لا أن نصل إلى مرحلة تبلد الإحساس.. فيقول البعض: يعني هيه وقفت على هذا الطفل المغربي! فيه غيره آلاف. أو في المثل المحلي كما يقولون: حط في الخرج. يعني مش مشكلة في زيه كثير.

لا لا لا لا أبدا. أبدا. بل نهتم ونحتفي بموضوعه. وهذا شيء عظيم ورائع. أن يتكلم العالم الإسلامي في شأن هذا الطفل.

ونقول؛ مثله، يجب أن نحتفي ونهتم شأن أطفالنا وإخواننا وأخواتنا في كل أنحاء العالم. ونرفع اهتمامنا بشؤون المسلمين إلى نفس الدرجة. ليس لنتحطم ولا لنحبط. ولكن حتى نكون بالفعل كما أمرنا ربنا -عز وجل- ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾.

وكما أمرنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- «مثل المؤمنين في توادهم ، وتراحمهم ، وتعاطفهم . مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

ما أعظمها من ظاهرة، أن يتكاتف جميع المسلمين؛ الكل يغرد عن الموضوع، الكل يتكلم عن الموضوع، الكل يدعو لريان. هذا يذيب الحدود بين الشعوب الإسلامية وبين البلاد الإسلامية. ويحقق عكس مقصود أعدائنا، وعكس مقصود الذين قطعوا في جسد الأمة أجزاء أجزاء.

وتذكروا -يا عباد الرحمن– أن أعداءنا يريدون أن نستهين بدماء بعضنا البعض.

نقرأ ونسمع في الأخبار: قتل خمسون مسلما – قتل ستين في سوريا – قتل سبعين في الهند – قتل في ثمانين في بورما. لماذا؟ كي نشعر أن المسلمين ينكبوا بالجملة.

لكن لا تنسوا أن هؤلاء شأنهم عند الله عظيم. ولا تنسوا أن الإعلام لما يمسك بشخص مختطف من من غير المسلمين. ترى هناك بث أربعة وعشرين ساعة للاهتمام به. المقصود بذلك أنك تحتقر حالك يا مسلم؛ تقول طالما أنا مسلم إذا أنا هيّن وقليل القيمة وليس لي اعتبار عند الناس. بينما لو كنت غير مسلم كان كل الناس اهتموا بي.

إياك أن تتأثر بهذه الرسالة السلبية. أنت كمسلم عظيم القدر عند الله -عز وجل-. يحتفي بك الملأ الأعلى ما دمت مؤمنا موحدا.

ولذلك -يا كرام- هذه ظاهرة جميلة. لاحظوا ما أروعها؛ في نفس الوقت الذي تداعى فيه المسلمون من كل ناحية لنصرة إخوانهم في الشمال السوري، وكل واحد يرسل تبرعات. وأطفال في فلسطين ونساء ينزعن حليهن رحمة بإخوانهم في الشمال السوري. أيضا تتداعى الأمة كاملة من أجل هذا الطفل المغربي ريان.

ظاهرة عظيمة نوصِل بها رسائل لأنفسنا -أولا- أننا أمة واحدة. وأن فعل أعدائنا لن ينجح معنا. وأننا سنحب بعضنا ونتكاتف مع بعضنا ونكون أمة واحدة إن شاء الله تعالى.

ويوصل رسالة إلى كل الأمم أن المسلمين يهتمون ببعضهم. والمسلمين يحتفون بطفل سقط في جورة من جوار المغرب.

سيدنا عمر -رضي الله عنه- في الأثر، يعرفوه الناس بلفظ: لو أن بغلة عثرت في طرف العراق. أما اللفظ الأصح -والله أعلم- الذي هو قد يرتقي لمرتبة الحسن: لو أن جملا -وفي رواية حملا، وفي رواية شاة- هلك بشطّ الفرات لخشيت أن أُسأل عنه.

فلاحظوا أننا كمسلمين مهتمين بالرفق بالحيوان؛ بألا تعثر بغلة في طرف العراق ولا يهلك جمل في شط الفرات. فكيف بأطفال المسلمين؟ نعم؛ موضوع ريان مهم. وجميل جدا أن نظهر التعاطف والتآلف والتحالف وكل المسلمين فيه. ونريد أيضا رفع مستوى الاهتمام بباقي الأمة الإسلامية إلى نفس المستوى. ليس من أجل أن نتحطم أو نكتئب. ولكن حتى نستمطر رحمات ربنا -عز وجل- عندما يرانا أمة واحدة كما أمر ﷻ.

لذلك؛ في هذه الساعة المباركة. قبل غروب شمس يوم الجمعة. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يسلمك يا ريان. ويردك إلى أهلك سالما معافا، وتكون من المؤمنين الصالحين؛ ويُدخلك جنته ﷻ. وأن يرضينا بقضائه ﷻ على كل حال.

رأي من: الدكتور إياد قنيبي